فصل: ذكر وفاة نور الدين صاحب الموصل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء **


  ثم دخلت سنة أربع عشرة وستمائة

والسلطان الملك العادل بالديار المصرية وقـد اجتمعـت الفرنـج مـن داخـل البحـر ووصلـوا إلـى عكـا فـي جمـع عظيم ولما بلغ الملك العادل ذلك خرج بعساكر مصر وسار حتى نزل على نابلس فسارت الفرنج إليه ولم يكن معه من العساكر ما يقدر به على مقاتلتهم فاندفع قدامهم إلى عقبة أفيق فأغاروا على بلاد المسلمين ووصلت غارتهم إلى نوى من بلد السواد ونهبوا ما بين بيسان ونابلس وبثوا سراياهم فقتلوا وغنموا من المسلمين ما يفـوت الحصـر وعـادوا إلى مرج عكا وكان قوة هذا النهب ما بين منتصف رمضان وعيد الفطر من هذه السنة وأقام الملك العادل بمرج الصفر وسارت الفرنج وحصـروا حصـن الطـور وهـو الذي بناه الملك العادل على ما تقدم ذكره ثم رحلوا عنه وانقضت السنة والفرنج بجموعهم في

ذكر غير ذلك‏:‏ في هذه السنة سار خوارزم شاه علاء الدين حمد بن تكش إلى بلاد الجبل وغيرها فملكها فمنهـا ساوه وقزوين وزنجان وأبهر وهمذان وأصفهان وقم وقاشان‏.‏

ودخل أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وآران في طاعة خوارزم شاه وخطب له ببلاده‏.‏

ثم عزم خوارزم شـاه علـى المسيـر إلـى بغداد للاستيلاء عليها وقدم بعض العسكر بين يديه وسار خوارزم شاه في إثرهم عن همذان يومين أو ثلاثة فسقط عليهم من الثلج مالم يسمع بمثله فهلكت دوابهم وخـاف مـن حركـة التتـر علـى بلـاده فولـى علـى البلاد التي استولى عليها وعاد إلى خراسان وقطع خطبة الخليفة الإمام الناصر في بلاد خراسان في سنة خمس عشرة وستمائة وكذلك قطعت خطبة الخليفة من بلاد ما وراء النهر وبقيت خوارزم وسمرقند وهراة لم يقطع الخطبة منها فإن أهل هذه البلاد كانوا لا يلتزمون بمثل هذا بل يخطبون لمن يختارون ويفعلون نحو ذلك‏.‏

  ثم دخلت سنة خمس عشرة وستمائة

والملك العادل بمرج الصفر وجموع الفرنج بمرج عكا ثم ساروا منها إلى الديار المصرية ونزلوا على دمياط وسار الملك الكامل ابن الملك العادل من مصـر ونـزل قبالتهـم واستمـر الحـال كذلـك أربعـة أشهر وأرسل الملك العادل العساكر التي عنده إلى عند ابنه الملك الكامل فوصلت إليه أولاً فأولاً ولما اجتمعت العساكر عند الملك الكامل أخذ ذكر وفاة الملك القاهر صاحب الموصل‏:‏ في هذه السنة توفي الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن عمـاد الديـن زنكـي بـن أقسنقـر صاحـب الموصـل وكانـت وفاتـه لثلـاث بقيـن مـن ربيـع الـأول وكانت مدة ملكه سبع سنين وتسعة أشهر وانقرض بموته ملك البيت الأتابكي وخلف ولدين أكبرهما اسمه أرسلان شاه وكان عمره حينئذ نحو عشر سنين فأوصى بالملك له وأن يقوم بتدبيـر مملكتـه بـدر الديـن لؤلـؤ فنصب بدر الدين لؤلؤ في المملكة وجعل‏.‏

الخطبة والسكة باسمه وقام لؤلؤ بتدبر المملكة أحسن قيام‏.‏

ذكر قصد كيكاؤوس بن كيخسرو صاحب بلاد الروم حلب‏:‏ ولما مـات الملـك الظاهـر صاحـب حلـب وأجلـس ابنـه العزيـز فـي المملكـة وكـان طفـلاً طمـع صاحب بلاد الروم كيكاؤوس في الاستيلاء على حلب فاستدعى الملك الأفضـل صاحـب سميساط واتفق معه كيكاؤوس أن يفتح حلب وبلادها ويسلمها إلى الملك الأفضل ثـم يفتـح البلاد الشرقية التي بيد الملك الأشرف ابن الملك العادل ويتسلمها كيكاؤوس وتحالفا على ذلك‏.‏

وسار كيكاؤوس إلى جهـة حلـب معـه الملـك الأفضـل روصـلا إلـى رعبـان واستولـى عليهـا كيكـاؤوس وسلمها إلى الملك الأفضل فمالت إليه قلوب أهل البلاد لذلك ثم سار إلى تل باشر وبها ابن دلدرم ففتحها ولم يسلمها إلى الملك الأفضل وأخذها كيكاؤوس لنفسه فنفر خاطر الملـك الأفضـل وخواطـر أهـل البلـاد بسبـب ذلك ووصل الملك الأشرف ابن الملك العادل إلى حلب لدفع كيكاؤوس عن البلاد ووصل إليه بها الأمير مانع بن حديثه أمير العرب في جمع عظيم وكـان قـد سـار كيكـاؤوس إلـى منبـج وتسلمهـا بنفسـه أيضـاً وسـار الملك الأشرف بالجموع التي معه ونزل وادي بزاعا واتقع بعض عسكره مع مقدمة عسكـر كيكـاؤوس فانهزمـت مقدمـة عسكـر كيكاؤوس وأخذ من عسكر كيكاؤوس عدة أسرى فأرسلوا إلى حلـب ودقـت البشائـر لهـا ولما بلغ ذلك كيكاؤوس وهو بمنبج ولى منهزماً مرعوباً وتبعه الملك الأشرف يتخطف أطراف عسكره ثم حاصـر الأشـرف تـل باشـر واسترجعهـا كذلـك استرجـع رعبـان وغيرهـا وتوجـه الملـك الأفضـل إلـى سميسـاط ولـم يتحـرك بعدهـا فـي طلب ملك إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وستمائة على وما سنذكره إن شاء الله تعالى وعاد الملك الأشرف إلى حلب وقد بلغه وفاة أبيه‏.‏

ذكر وفاة السلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب‏:‏ كـان الملـك العـادل نـازلاً بمـرج الصفـر وقـد أرسـل العساكـر إلـى ولده الملك الكامل بالديار المصرية ثم رحل للملك العادل من مرج الصفر إلى عالقين وهي عند عقبة أقبق فنزل بهـا ومـرض واشتـد مرضه ثم توفي هناك إلى رحمة الله تعالى سابع جمادى الآخرة من هذه السنة أعنـي سنـة خمـس عشـرة وستمائـة وكـان مولـده سنـة أربعين وخمسمائة وكان عمره خمساً وسبعين سنة وكانت مدة ملكه لدمشق ثلاثاً وعشرين سنة وكانت مدة ملكه لمصر نحو تسع عشرة سنة وكان الملك العادل رحمه الله تعالـى حازمـاً متيقظـاً غزيـر العقـل سديـد الـآراء ذا مكـر وخديعـة وصبـوراً حليمـاً لسمـع مـا يكـره ويغضـي عنـه وأتتـه السعـادة واتسـع ملكه وكثرت أولاده ورأى فيهم ما يحب ولم ير أحد من الملوك الذين اشتهرت أخبارهم في أولاده من الملك والظفـر مـا رآه الملـك العـادل فـي أولـاده ولقـد أجـاد شـرف الديـن بـن عنيـن فـي قصيدتـه التي مدح بها الملك العادل التي مطلعها‏:‏ ماذا على طيف الأحبة لو سرى وعليهـم لـو سامحونـي بالكرى ومنها‏:‏ العادل الملك الذي أسماؤه فـي كـل ناحيـة تشرف منبرا ما في أبي بكـر لمعتقـد الهـدى شـك يريـب بأنـه خيـر الورى بين الملـوك الغابريـن وبينـه في الفضل ما بين الثريـا والثـرى نسخت خلائقه الحميدة ما أتى في الكتب عن كسرى الملوك وقيصرا لا تسمعن حديـث ملـك غيـره يروى فكل الصيد في جوف الفرا وله الملوك بكل أرض منهم ملك يجر إلى الأعادي عسكـرا مـن كـل وضاح الجبين تخاله بدراً فإن شهد الوغى فغضنفرا وخلـف الملـك العـادل ستـة عشـر ولـداً ذكـراً غيـر البنات ولما توفي الملك العادل لم يكن عنده أحد من أولاده حاضراً فحضر إليه ابنه الملك المعظم عيسى وكان بنابلس بعد وفاته وكتم موته وأخـذه ميتـاً فـي محفة وعاد به إلى دمشق واحتوى الملك المعظم على جميع ما كان مع أبيه من الجواهر والسلاح والخيول وغير ذلك‏.‏

ولما وصل دمشق حلف جميع الناس له وأظهر موت أبيه وجلـس للعـزاء وكتـب إلـى الملـوك مـن أخوته وغيرهم يخبرهم بموته وكان في خزانة الملك العادل لما توفـي سبـع ألـف دينـار عينـاً ولمـا بلـغ الملـك الكامـل مـوت أبيـه وهو في قتال الفرنج عظم عليه ذلك جداً واختلفت العسكر عليه فتأخر عن منزلته وطمعت الفرنج ونهبت بعض أثقال المسلمين وكان في العسكر عماد الدين أحمد بن سيف الدين علي ابن أحمد المشطوب وكان مقدماً عظيماً في الأكراد الهكارية فعزم على خلع الملك الكامل من السلطنة وحصل في العسكر اختلاف كثير حتى عزم الملك الكامل على مفارقة البلاد واللحوق باليمن وبلغ الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل ذلك فرحل من الشام ووصل إلى أخيه الملك الكامل وأخرج عماد الدين بن المشطوب ونفـاه مـن العسكـر إلـى الشـام فانتظـم أمـر السلطـان الملـك الكامـل وقـوى مضايقـة الفرنـج لدميـاط وضعـف أهلهـا بسبـب ما ذكرناه من الفتنة التي حصلت في عسكر الملك الكامل من ابن المشطوب‏.‏

ذكر استيلاء عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن عماد الدين زنكي أقسنفر على بعض القلاع المضافة إلى مملكة الموصل‏:‏ قد تقدم في سنة سبع وستمائة أن أرسلان شاه عند وفاته جعل مملكة الموصل لولده القاهر مسعود وأعطى ولده الأصغر عماد الدين زنكي المذكور قلعتي العقر وشوش فلما مات أخوه القاهر وأجلس ولده أرسلان شاه بن القاهر في المملكة وكان به قروح وأمراض تحرك عمه عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه وقصد العمادية واستولى عليها ثـم استولـى علـى قلـاع الهكارية والروران فاستنجد بدر الدين لؤلؤ المستولي على ملك الموصل وتدبير أرسلان شاه بالملـك الأشرف ابن الملك العادل ودخل في طاعته فأنجده الملك الأشرف بعسكر وساروا إلى زنكي بن أرسلان شاه فهزموه وكان زنكي المذكـور مـن وجـا ببنـت مظفـر الديـن كوكبـوري صاحب أربل وأم البنت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت السلطان الملك العادل زوجة مظفر الدين فكان مظفر الدين لا يترك ممكناً في نجدة صهره زنكي المذكور ويبالغ في عداوة بدر وفي هذه السنة توفي علي بن نصر بن هرون النحوي الحلي الملقب بالحجة قرأ على ابن الخشاب وغيره‏.‏

وفيها توفي محمد وقيل أحمد بن محمد ابن محمد العميدي الفقيـه الحنفـي السمرقندي الملقب ركن الدين كان إماماً في فن الخلاف خصوصاً الحسـب ولـه فيـه طريقـة مشهورة وصنف الإرشاد واعتنى بشرح طريقته جماعة منهم القاضي شمس الدين أحمد بن خليل بـن سعـادة الشافعـي الجوينـي قاضـي دمشـق‏.‏

وبـدر الديـن المراغـي المعـروف بالطويـل واشتغـل علـى العميدي خلق كثير وانتفعوا به منهم نظام الدين أحمد بن محمود بن أحمد الحنفي المعروف بالحصيري ونظام الدين الحصيري المذكور قتله التتر بنيسابور عند أول خروجهم في سنة ست عشرة وستمائة ولم يقع لنا هذه النسبة أعني العميدي إلى ماذا‏.‏

  ثم دخلت سنة ست عشرة وستمائة

والملك الأشرف مقيم بظاهر حلب يدبر أمر جندها وإقطاعاتها والملك الكامل بمصر في مقابلة الفرنج وهم محدقون محاصرون لثغر دمياط وكتب الملك الكامل متواصلة إلى إخوته في طلب النجدة‏.‏

  ذكر وفاة نور الدين صاحب الموصل

وفي هذه السنة توفي نور الدين أرسلان شاه ابن الملك القاهر مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن عماد الدين زنكي بن أقسنقر وكان لا يزال مريضاً فأقام بدر الدين لؤلؤ في الملك بعده أخاه ناصر الدين محمود ابن الملك القاهر وكان عمره يومئذ نحو ثلاث سنين وهو آخر من خطب له من بيت أتابك بالسلطنة وكان أبو القاهر آخر من كان له استقلال بالملك منهم ثم إن هذا الصبي مات بعد مدة واستقل بدر الدين لؤلؤ بالملك وأتته السعادة وطالت مدة ملكه إلى أن توفي بالموصل بعد أخذ التتر بغداد على ما سنذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

ذكر وفاه صاحب سنجار‏:‏ وقد تقـدم ذكـر ولايتـه فـي سنـة أربـع وتسعيـن وخمسمائـة‏.‏

وفـي هـذه السنـة توفـي قطـب الديـن محمـد ابن عماد الدين زنكي بن مودود بن عماد الدين زنكي بن أقسنقر صاحب سنجار فملك سنجار بعده ولده عماد الدين شاهنشاه بن محمد وكان قطب الدين حسن السيرة في رعيته وبقـي عمـاد الديـن شاهنشـاه في الملك شهوراً ثم وثب عليه أخوه محمود بن محمد فذبحه وملك سنجار وهذا محمود هو آخر من ملك سنجار من البيت الأتابكي‏.‏

 ذكر تخريب القدس

وفـي هـذه السنـة أرسـل الملـك المعظم عيسى بن الملك العادل صاحب دمشق الحجارين والنقابين إلى القدس فخرب سواره وكانت قد حصنت إلى الغاية فانتقل منه عالم عظيم وكان سبب ذلك أن الملك المعظم لما رأى قوة الفرنج تغلبهم على دمياط خشـي أن يقصـدوا القـدس فـلا يقدر على منعهم فخربه لذلك‏.‏

ذكر استيلاء الفرنج على دمياط‏:‏ ولـم تـزل الفرنـج يضايقـون دميـاط حتـى هجموهـا فـي هذه السنة عاشر رمضان وقتلوا وأسروا من بها وجعلوا الجامع كنيسة واشتد طمع الفرنج في الديار المصرية وحين أخذت دمياط ابتنى الملك الكامل مدينة وسماها المنصورة عند مفترق البحرين الآخذ أحدهما إلى دمياط والآخر إلى أشمون طناخ ونزل فيها بعساكره‏.‏

 ذكر ظهور التتر

وفـي هـذه السنـة كـان ظهـور التتر وقتلهم في المسلمين ولم ينكب المسلمون بأعظم مما نكبوا في هذه السنة فمن ذلك ما كان من تمكن الفرنج بملكهم دمياط وقتلهم أهلها وأسرهم‏.‏

ومنـه المصيبة الكبرى وهو ظهور التتر وتملكهم في المدة القريبة أكثر بلاد الإسلام وسفـك دمائهـم وسبي حريمهم وذراريهم ولم تفجع المسلمون مذ ظهر دين الإسلام بمثل هذه الفجيعة‏.‏

وفي هذه السنة خرجوا على علاء الدين محمد خوارزم شاه بن تكش وعبروا نهر جيحون ومعهم ملكهم جنكزخان لعنه الله تعالى فاستولوا على بخارى رابع ذي الحجة من هذه السنة بالأمان وعصت عليهم القلعة فحاصروها وملكوها وقتلوا كل من بها‏.‏

ثم قتلوا أهل البلد عن آخرهم‏.‏

من تاريخ ظهور التتر تأليف محمد بن أحمد بن علي المنشي النسوي كاتب إنشاء جلال الدين قال‏:‏ إن مملكة الصين مملكة متسعة دورها ستة أشهـر وقـد انقسمـت مـن قديـم الزمان ستة أجزاء كل جزء منها مسيرة شهر يتولى أمره خان وهو الملك بلغتهم نيابـة عـن خانهم الأعظم وكان خانهم الكبير الذي عاصر خوارزم شاه محمد بن تكش يقال له الطون خان وقد توارث الخانية كابراً عن كابر بل كافراً عن كافر ومن عادة خانهم الأعظم الإقامة بطوغـاج وهي واسطة الصين وكان من زمرتهم في عصر المذكور شخص يسمى دوشي خان وهو أحد الخانات المتولي أحد الأجزاء الستـة وكـان مزوجـاً بعمـة جنكزخـان اللعيـن وقبيلـة جنكزخان اللعين هي المعروفة بقبيلة التمرجي سكان البراري ومشتاهم موضع يسمى أرغون وهم المشهورون بين التتر بالشر والغدر ولم تر ملوك الصين إرخاء عنانهم لطغيانهم فاتفق أن دوشي خان زوج عمة جنكزخان مات فحضر جنكزخان إلى عمته زائراً ومعزياً وكان الخانان المجاوران لعمل دوشي خان المذكور يقال لأحدهما كشلوخان وللآخر فلان خان فكانا يليان ما يتاخم عمل دوشي خان المذكور المتوفي من الجهتين فأرسلـت امـرأة دوشـي خـان إلـى كشليخان والخان الآخر تنعي إليهما زوجهما دوشي خان وأنه لم يخلف ولداً وأنه كان حسن الجـوار لهمـا وأن ابـن أخيهـا جنكزخـان إن أقيم مقامه يحذو حذو المتوفي في معاضدتهما فأجابها الخانان المذكوران إلى ذلك وتولى جنكزخان ما كان لدوشي خان المتوفي من الأمور بمعاضدة الخانيـن المذكوريـن فلمـا أنهـي الأمـر إلـى الخـان الأعظم الطون خان أنكر تولية جنكزخان واستحقره وأنكر على الخانين اللذين فعلا ذلك فلما جـرى ذلـك خلعـوا طاعـة الطـون خـان وانضم إليهم كل من هو من عشائرهم ثم اقتتلوا مع الطون خان فولى منهزماً وتمكنوا من بلاده ثم أرسل الطون خان وطلب منهم الصلح وأن يبقوه على بعض البلاد فأجابوه إلى ذلك وبقي جنكزخـان والخانـان الآخـران مشتركيـن فـي الأمـر فاتفـق مـوت الخـان الواحـد واستقـل بالأمر جنكزخان وكشلوخان ثم مات كشلوخان وقام ابنه ولقـب بكشلوخـان أيضـاً مقامـه فاستضعف جنكزخان جانب كشلوخان بن كشلوخان لصغره وحداثة سنـه وأخـل بالقواعـد التي كانت مقررة بينه وبين أبيه فانفرد كشلوخان عن جنكزخان وفارقه لذلك ووقع بينهما الحـرب فجـرد جنكزخـان جيشـاً مع ولده دوشي خان بن جنكزخان فسار دوشي خان واقتتل مع كشلوخان فانتصـر دوشـي خـان وانهـزم كشلوخـان وتبعـه دوشـي خـان وقتلـه وعـاد إلـى جنكزخان برأسه فانفرد جنكزخان بالمملكة‏.‏

ثم إن جنكزخان راسل خوارزم شاه محمد بن تكش في الصلح فلم ينتظم فجمع جنكزخان عساكره والتقى مع خوارزم شاه محمد فانهزم خوارزم شاه فاستولى جنكزخان على بلاد ما وراء النهر ثم تبع خوارزم شاه محمداً وهو هارب بين يديه حتى دخل بحر طبرستان ثم استولى جنكزخان على البلاد ثم كان من خوارزم شاه ومن جنكزخان ما سنذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

ذكر توجه الملك المظفر محمود ابن صاحب حماة إلى مصر وموت والدته‏:‏ في هذه السنة حلف الملك المنصور صاحب حماة الناس لولده الملك المظفـر محمـود وجعلـه ولي عهده وجرد معه عسكراً والطواشي مرشـد المنصـوري نجـدة إلـى الملـك الكامـل بديـار مصر فسار إليه ولما وصل إلى الملك الكامل أكرمه وأنزله في ميمنة عسكره وهي منزلة أبيه وجده في الأيام الناصرية الصلاحية‏.‏

وبعد توجه الملك المظفر ماتت والدته ملكة خاتون بنت الملك العادل قال القاضي جمال الدين مؤلـف مفـرج الكـروب‏:‏ وحضـرت العـزاء وعمـري اثنتـا عشرة سنة ورأيت الملك المنصور وهو لابس الحداد على زوجته المذكورة وهو ثوب أزرق وعمامة زرقاء وأنشدته الشعراء المراثي فمن ذلك قصيدة قالها حسام الدين خشتريـن وهـو جندي كردي مطلعها‏.‏

الطرف في لجة والقلب في سعر لـه دخـان زفيـر طـار بالشـرر ما كنت أعلم أن الشمس قد غربت حتى رأيت الدجى ملقى على القمر لو كان من مات يفدى قبلها لفدى أم المظفر آلاف من البشر ذكر وفاة كيكاؤوس وملك أخيه كيقباذ‏:‏ فـي هـذه السنـة توفـي الملـك الغالـب عـز الديـن كيكـاؤوس بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود ابن قليج أرسلان صاحب بلاد الروم وقد تقدم ذكر ولايته في سنة سبع وستمائة وكان قد تعلق به مرض السل واشتد مرضه ومات‏.‏

فملك بعده أخوه كيقباذ بن كيخسرو وكان كيقباذ محبوساً قد حبسه أخوه كيكاؤوس فأخرجه لجند وملكوه‏.‏

ذكر غير ذلك‏:‏ وفي هذه السنة توفي أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري الضرير النحوي الحاسـب اللغـوي وكـان حنبليـاً صحـب ابن الخشاب النحوي وغيره‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن علي بن القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي الحافظ بن الحافظ بن الحافظ المعروف بابن عساكر وكان قد قصد خراسان وسمع بها الحديث فأكثر وعاد إلى بغداد وكان قد وقع على القفل الذي هو فيه في الطريق حرامية وجرحوا ابن عساكر المذكور ووصل على تلك الحال إلى بغداد وبقي بها حتى توفي في هذه السنة في جمادى الأولى رحمه الله‏.‏

  ثم دخلت سنة سبع عشرة وستمائة

والفرنج متملكون على دمياط والسلطان الملك الكامل مستقر في المنصورة مرابط للجهاد والملك الأشرف في حران‏.‏

وكان الملك الأشرف قد أقطع عماد الدين أحمد بن سيف الدين علي بـن أحمـد المشطـوب رأس عيـن فخـرج علـى الملـك الأشرف وجمع ابن المشطوب المذكور جمعاً وحسن لصاحب سنجار محمود بن قطب الدين الخروج عن طاعة الأشرف أيضاً فخرج بدر الدين لؤلؤ من الموصل وحصر ابن المشطوب بتل أعفر وأخذه بالأمان‏.‏

ثـم قبـض عليه وأعلم الملك الأشرف بذلك فسر به غاية السرور واستمر عماد الدين أحمد بن سيف الدين بن المشطـوب فـي الحبـس‏.‏

ثـم سـار الملـك الأشـرف مـن حـران واستولـى علـى فـي نيسـر وقصد سنجار فأتته رسـل صاحبهـا محمـود بـن قطـب الديـن يسـأل أن يعطـى الرقـة عـوض سنجـار ليسلـم سنجـار إلـى الملـك الأشـرف فأجـاب الملك الأشرف إلى ذلك وتسلم سنجار في مستهل جمادى الأولى وسلم إليه الرقة‏.‏

وهذا كان من سعادة الملك الأشرف فإن أباه الملك العادل نازل سنجار في جموع عظيمة وطال عليها مقامه فلم يملكها وملكها ابنه الملك الأشرف بأهون سعي وبعد أن فـرغ الملـك الأشرفي من سنجار سار إلى الموصل ووصل إليها في تاسع عشر جمادى الأولى وكان يوم وصوله إليها يوماً مشهوداً‏.‏

وكتب إلى مظفر الدين صاحب إربل يأمره أن يعيد صهره عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن عماد الدين زنكي على بدر الدين لؤلؤ القلاع التي استولى عليها فأعادها جميعها وترك في يده منها العمادية واستقر الصلح بين الملك الأشرف وبين مظفـر الديـن كوكبـوري صاحـب إربـل وعمـاد الديـن زنكـي بـن أرسلـان شـاه صاحـب العقر وشوش والعمادية‏.‏

وكذلك استقر الصلح بينهم وبين صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ‏.‏

ولمـا استقر ذلك رحل الملك الأشرف عن الموصل ثاني شهر رمضان من هذه السنة وعاد إلى سنجـار وسلـم بـدر الديـن لؤلؤ قلعة تلعفر إلى الملك الأشرف ونقل الملك الأشرف ابن المشطوب من حبس الموصل وحطه مقيداً في جب بمدينة حران حتى مات سنة تسع عشرة وستمائة ولقي بغيه وخروجه مرة بعد أخرى‏.‏

 ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماة

وفـي هـذه السنـة توفـي الملـك المنصـور محمـد ابـن الملـك المظفـر تقـي الديـن عمـر بـن شاهنشـاه بـن أيوب صاحب حماة بقلعة حماة في ذي القعدة وكانت مدة مرضه إحدى وعشرين يوماً بحمى حادة وورم دماغه‏.‏

وكان شجاعاً عالماً يحب العلماء ورد إليه منهم جماعة كثيرة مثل الشيخ سيف الدين علي الآمدي وكان في خدمة الملك المنصور قريب مائتـي متعمـم مـن النحـاة والفقهـاء والمشتغلين بغير ذلك وصنف الملك المنصور عدة مصنفات مثل‏:‏ المضمار في التاريخ وطبقات الشعـراء‏.‏

وكـان معتنياً بعمارة بلده والنظر في مصالحه وهو الذي بنى الجسر الذي هو بظاهر حمـاة خـارج بـاب حمص واستقر له بعد وفاة والده من البلاد‏:‏ حماة والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم ولما فتح بارين وكانت بيد إبراهيم بن المقدم ألزمه عمه السلطان الملك العادل أن يردها عليـه فأجـاب إلـى تسليـم منبج وقلعة نجم عوضاً عنها وهما خير من بارين بكثير واختار ذلك لقرب بارين من بلده وجرت له حروب مع الفرنج وانتصر فيها وكان ينظم الشعر‏.‏

ذكر استيلاء الملك الناصر ابن الملك المنصور على حماة‏:‏ ولما توفي الملك المنصور كان ولده الملك المظفر المعهود إليه بالسلطنة عند خاله الملك الكامل لديار مصر في مقابلة الفرنج وكان ولده الآخر الملك الناصر صلاح الدين قليج أرسلان عند خاله الآخر الملك المعظم صاحب في دمشق وهو في الساحل في الجهاد وقد فتح قيسارية وهدمها وسار إلى عثليث ونازلها وكان الوزير بحماة زين الدينا بن فريج فاتفق هو والكبراء على استدعاء الملك الناصر لعلمهم بلين عريكته وشدة بأس الملك المظفر فأرسلوا إلى الملك الناصر وهو مع الملك المعظم كما ذكرنا فمنعه الملك المعظم من التوجه إلا بتقريـر مـال عليـه يحملـه إلـى الملـك المعظـم فـي كـل سنة قيل أن مبلغه أربعمائة ألف درهم فلما جاب الملك الناصر إلى ذلك وحلف عليه أطلقه الملك المعظم فقدم الملك الناصر إلى حماة واجتمع بالوزير زين الديـن بـن فريـج والجماعـة الذيـن كاتبـوه فاستحلفـوه علـى مـا أرادوا وأصعـدوه إلـى القلعـة ثـم ركب من القلعة بالسناجق السلطانيـة وكـان عمـره إذ ذاك سبـع عشـرة سنـة لـأن مولـده سنـة ستمائة‏.‏

ولما استقر الملك الناصر في ملك حماة وبلغ أخاه الملك المظفر ذلك استأذن الملك الكامل في المضـي إلـى حمـاة ظنـاً منـه أنـه إذا وصـل إليهـا يسلمونهـا إليـه بحكم الأيمان التي كانت له في أعناقهم فأعطاه الملك الكامل الدستور وسار الملك المظفر حتى وصل إلى الغور فوجد خاله الملك المعظم صاحب دمشق هناك فأخبره أن أخاه الملك الناصر قد ملك حماة ويخشى عليه أنه إن وصل إليه يعتقله فسار الملك المظفر إلى دمشق وأقام بداره المعروفة بالزنجيلي وكتب الملك المعظم والملك المظفر إلى أكابر حماة في تسليمها إلى الملك المظفر فلم يحصل منهم إجابة فعاد الملك المظفر إلى مصر وأقام في خدمة الملك الكامل وأقطعه إقطاعاً بمصر إلى أن كان مـا سنذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

ذكر استيلاء الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن الملك العادل على خلاط وميافارقين‏:‏ كان قد استقر بيد الملك المظفر المذكور الرها وسروج وكانت ميافارقين وخلاط بيد الملك الأشرف ولم يكن للملك الأشرف ولد فجعل أخاه الملك المظفر غـازي ولـي عهـده وأعطـاه ميافارقين وخلاط وبلادها وهي إقليم عظيم يضاهي ديار مصر وأخذ الملك الأشرف منه الرها وسروج‏.‏

وفـي هـذه السنـة توفـي بالموصـل الشيـخ صدر الدين محمد بن عمر بن حمويه شيخ الشيوخ بمصر والشام وكان فقيهاً فاضلاً من بيت كبير بخراسان وخلف أربعة بنين عرفـوا بأولـاد الشيـخ تقدموا عند السلطان الملك الكامل وسنذكر بعض أخبارهم في موضعها إن شاء الله تعالى وكان الشيخ صدر الدين المذكور قد توجه رسولاً إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فمات هناك‏.‏

 ذكر مسير التتر إلى خوارزم شاه وانهزامه وموته

لما ملك التتر سمرقند أرسل جنكزخان لعنه الله عشرين ألف فارس في أثر خوارزم شاه محمـد بن تكش وهذه الطائفة يسميها التتر المغربة لأنها سارت نحو غرب خراسان فوصلوا إلى موضع يقال له بنح آو وعبروا هناك نهر جيحون وصاروا مع خوارزم شاه في بر واحد فلم يشعر خوارزم شاه وعسكره إلا والتتر معه فتفرق عسكره وذهبوا أيدي سبا ورحل خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش لا يلوى على شيء في نفر من خواصه ووصل إلى نيسابور والتتـر فـي إثـره فلما قربوا منه رحل خوارزم شاه إلى مازندران‏.‏

والتتر في إثره لا يلتفتون إلى شيء من البلاد ولا إلى غير ذلك بل قصدهم إدراك خوارزم شاه‏.‏

وسار من مازندران إلى مرسى من بحر طبرستان تعرف باسكون وله هناك قلعة في البحر فعبر هو وأصحابه إليها فوقف التتر على ساحل البحر وأيسوا من اللحاق بخوارزم شاه‏.‏

ولما استقر خوارزم شاه بهذه القلعة توفي فيها وهو علاء الدين محمد بن علاء الدين تكش ابن أرسلان بن أطسز بن محمد بن أنوشتكين غرشه وكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وشهوراً واتسع ملكه وغم محله ملك من حد العراق إلى تركستان وملك بلاد غزنة وبعض الهند وملك سجستان وكرمـان وطبرستـان وجرجـان وبلـاد الجبـال وخراسـان وبعـض فـارس وكان فاضلاً عالماً بالفقه والأصول وغيرهما وكان صبوراً على التعب وإدمان السير وسنذكر شيئاً من أخباره عند ذكر مقتل ولده جلال الدين‏.‏

ولما أيس التتر من إدراك خوارزم شاه عادوا إلى مازندران ففتحوها وقتلوا أهلها ثم ساروا إلى الري وهمذان ففعلوا كذلك من الفتك والسبي ثم ملكوا مراغة في صفر سنة ثمان عشرة وستمائة ثم ساروا إلى حران واستولوا عليها ونازلوا خوارزم وقاتلهم أهلها مدة أشد قتال ثـم فتحوهـا وكـان لهـا سـد فـي نهـر جيحون ففتحوه وركب خوارزم الماء فغرقها وفعلوا في هذه البلاد جميعها من قتل أهلها وسبي ذراريهم وقتل العلماء والصلحاء والزهاد والعباد وتخريب الجوامع وتحريق المصاحف ما لم يسمع بمثله في تاريخ قبل الإسلام ولا بعده فإن واقعة بخت نصـر مـع بنـي إسرائيـل لا تنسـب إلـى بعـض مـا فعلـه هؤلاء فإن كل واحدة من المدن التي أخربوها أعظم من القدس بكثير وكل أمة قتلوهم من المسلمين أضعاف بني إسرائيل الذين قتلهم بخت نصر‏.‏

ولما فرغ التتر من خراسان عادوا إلى ملكهم فجهز جيشاً كثيفاً إلى غزنة وبها جلال الدين منكبرني بن علاء الدين محمد خوارزم شاه المذكور مالكاً لها وقد اجتمع إليه جمع كثير من عسكـر أبيـه قيـل كانوا ستين ألف مقاتل وكان الجيش الذي سار إليهم من التتر اثني عشر ألفاً فالتقوا مع جلال الذين واقتتلوا قتـالاً شديـداً وأنـزل اللـه نصـره علـى المسلميـن وانهزمـت التتـر وتبعهم المسلمون يقتلونهم كيف شاؤوا‏.‏

ثـم أرسـل جنكزخـان لعنـه اللـه عسكـراً أكثـر مـن أول مـع بعض أولاده ووصلوا إلى كابل وتصافف معهم المسلمون فانهزم التتر ثانياً وقتل المسلمون فيهم وغنموا شيئاً كثيراً وكان في عسكر جلال الدين أمير كبير مقدام هو الذي كسر التتر على الحقيقة يقال له بغراق وقع بينه وبين أمير كبير يقال له ملكخان وهو صاحب هراة وله نسب إلى خوارزم شاه فتنة بسبب المكسب قتل فيها أخو بغراق فغضب بغراق وفـارق جلـال الديـن وسـار إلـى الهنـد وتبعـه ثلاثون ألف فارس ولحقه جلال الدين منكبرني واستعطفه فلم يرجع فضعـف عسكـر جلـال الدين بسبب ذلك ثم وصل جنكزخان اللعين بنفسه في جيوشه وقد ضعف جلال الدين بما نقص من جيوشه بسبب بغراق فلم يكن له بجنكزخان قدرة فترك جلال الدين البلاد وسار إلى الهند وتبعه جنكزخان حتى أدركه على ماء عظيم وهو نهرالسند ولم يلحق جلال الدين ومـن معـه أن يعبـروا النهـر فاضطـروا إلـى القتال وجرى بينهم وبين جنكزخان قتال عظيم لم يسمع بمثله وصبر الفريقان ثم تأخر كل منهما عن صاحبه فعبر جلال الدين ذلك النهـر إلـى جهـة الهند وعاد جنكزخان فاستولى على غزنة وقتلوا أهلها ونهبوا أموالهم‏.‏

وكان قد سار من التتر فرقة عظيمة إلى جهة القفجاق واقتتلوا معهم فهزمهم التتر واستولوا على مدينة القفجاق العظمى وتسمى سوادق وكذلـك فعلـوا بقـوم يقـال لهـم اللكـزي بلادهـم قـرب دربنـد شـروان ثـم سـار التتـر إلـى الـروس وانضـم إلـى الـروس القفجـاق وجرى بينهم وبين التتر قتال عظيم انتصر فيه التتر عليهم وشردوهم قتلاً وهرباً في البلاد‏.‏

وفيهـا فـي شوال توفي رضي الدين المؤيد بن محمد بن علي الطوسي الأصل النيسابوري الدار المحـدث وكان أعلى المتأخرين إسناداً سمع كتاب مسلم من الفقيه أبي عبد الله محمد بن الفضل القراوي وكان القراوي فاضلاً قرأ الأصول على إمام الحرمين وسمع القراوي المذكـور صحيـح مسلم على عبد الغافر الفارسي وكان عبد الغافر إماماً في الحديـث صنـف شـرح مسلـم وغيـره وتوفـي محمـد بن الفضل القراوي سنة ثلاثين وخمسمائة وتوفي عبد الغافر في سنة تسع وعشرين وخمسمائة وكانت ولادة رضي الدين المؤيد المذكور في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ظناً‏.‏